تل بيدر (أي بيدر 1 المدينة الاكليلية العائدة الى الالف الثالث)
يأتي اكتشاف تل بيدر الأثري ليروي لنا تاريخاً موغلاً في القدم حول تاريخ سورية عامة والجزيرة السورية خاصة عبر أقدم الوثائق المكتوبة المكتشفة حتى الآن والتي يعود تاريخها إلى 2425ق.م.
هو من الأوابد الأثرية التي تزخر بها محافظة الحسكة التي لعبت دوراً تاريخياً مهماً في منتصف الألف الثالث قبل الميلاد, ومن المواقع الهامة في فترة البرونز القديم لما يتمتع به من موقع تجاري هام من دجلة إلى الفرات ومن منطقة الخابور إلى الأناضول.
عرف أنه من المواقع الضخمة ومحاط بسور دائري ضخم له سبعة مداخل ظاهرة هي البوابات القديمة للموقع , وهو من أوائل المواقع التي تم تأهيلها سياحياً في محافظة الحسكة حيث بدأت التنقيبات الأثرية فيه عام 1992 عبر بعثة أثرية سورية-أوروبية مشتركة.
|
يأتي اكتشاف تل بيدر الأثري ليروي لنا تاريخاً موغلاً في القدم حول تاريخ سورية عامة والجزيرة السورية خاصة عبر أقدم الوثائق المكتوبة المكتشفة حتى الآن والتي يعود تاريخها إلى 2425ق.م.
هو من الأوابد الأثرية التي تزخر بها محافظة الحسكة التي لعبت دوراً تاريخياً مهماً في منتصف الألف الثالث قبل الميلاد, ومن المواقع الهامة في فترة البرونز القديم لما يتمتع به من موقع تجاري هام من دجلة إلى الفرات ومن منطقة الخابور إلى الأناضول.
عرف أنه من المواقع الضخمة ومحاط بسور دائري ضخم له سبعة مداخل ظاهرة هي البوابات القديمة للموقع , وهو من أوائل المواقع التي تم تأهيلها سياحياً في محافظة الحسكة حيث بدأت التنقيبات الأثرية فيه عام 1992 عبر بعثة أثرية سورية-أوروبية مشتركة.
|
الموقع وتاريخ الاستيطان
يقع تل بيدر الأثري في القسم الغربي من مثلث الخابور، على مسافة 35 كيلومتراً شمال الحسكة
على طريق درباسية - الحسكة.
له شكل دائري بقطر 550 م، ومساحة تقدر ب25 هكتارا ، يحيط به سور يمتد حوالي 2 كيلومتر، يبلغ ارتفاعه 28 متراً ويتمركز الأكروبول في أعلى التل بقطر 60 متراً وارتفاع 7.5 أمتار, وتتخلله سبع بوابات تتجه نحو المدن الرئيسية في أعالي الجزيرة السورية ، وخاصة مدينة ناجار (تل براك، وأوركيش (تل موزان)، وشخنة (تل ليلان)، وتل الخويرة، وماري (تل الحريري) وترقا - تل العشارة.
تحيط بالتل المدينة المنخفضة الواقعة خارج السور، وتنتمي إلى العهود الميتانية والآشورية الحديثة , مساحتها أكثر من 50 هكتارا , أنشئت خلال الفترة الميتانية ثم هجرت، وأعيد بناؤها خلال العصر الأشوري الحديث.
تم الاستيطان في الموقع منذ بداية الألف الثالث ق.م، وهجر حوالي عام 2150 ق.م، ثم استؤنف الاستيطان فيه من جديد في الفترة الهلنستية بين عامي 175 و50 ق.م.
إلى الغرب من الموقع وعلى بعد 150 م، كشفت التنقيبات الأثرية التنقيب عن منشآت معمارية تعود إلى الفترة الأشورية الحديثة أي حوالي 900 ق.م , و كذلك الفترة الميتانية.
وصف المكتشفات المعمارية
الموقع عبارة عن مصاطب طبقات كانت محمية بجدارين مزودين بسبع بوابات والشكل العام للتل يتطابق مع نماذج المواقع التي تعود إلى الألف الثالث (أكليلي) لكنه في نفس الوقت يختلف قليلا بسبب وجود الأكروبول الذي يعود تاريخه إلى الفترة الهلنستيه.
تمثل الأبنية الرسمية المشادة في منتصف الموقع من الأعلى أم المنشآت المعمارية التي نقب عنها، فهي عبارة عن قصر وبنائين إداريين وأربعة معابد وبنائين ذات صفة اقتصادية يتألفان من مستودع والورشة التي تقع أمام المعبد A من جهة وأمام المعبد B-C من جهة أخرى.
يعود تاريخ هذه الأبنية إلى عصر الجزيرة القديم أي حوالي 2400 - 2450 ق.م، وقد بنيت هذه الأبنية على طرفي الشارع الضخم الذي يصل بوابة المدينة S بمدخل القصر، هذا ويتم الصعود من خلال هذا الشارع إلى الجزء العلوي من المدينة بواسطة درج فخم مبني من حجر البازلت ومن الجدير بالذكر أنه يوجد بجانب الدرج ما يشبه البرج يمكن الوصول إليه عن طريق درج مبني من اللبن.
لا بد من الإشارة إلى أن القصر المكتشف في تل بيدر قد مر بثلاث مراحل من التدمير وإعادة البناء وهو يتألف من صالة ضخمة وغرف معيشة وباحة مركزية مرصوفة بالآجر المشوي تؤمن الإضاءة والتهوية للبناء.
ويتمركز قصر المدينة العلوي في الجزء الشمالي وقد تغير مخطط القصر الأرضي مرتين في القرن التالي حيث استعمل كمركز الإدارة لنابادا وإقليمها وتمركزت فيه سلطات المدينة والزوار كما تم تخصيص أحد الأجنحة لتخزين البضائع القيمة فأصبح مركزا للحكومة المدنية بينما بقيت الإدارة والمقاطعات الخاصة في الطابق الثاني الذي هدمته عوامل الحت والتعرية.
و كذلك تم اكتشاف قصر ومبانٍ أخرى من الفترة الهلنستية تقع في وسط الموقع وفي الجزء الشمالي منه وهي مبانٍ متعددة الوظائف.
و يعتبر القصرالهلنستي استمرارا للإرث الميزوبوتامي القديم والذي احتل مكانه في التل خلال السنوات الأخيرة للحكم الإغريقي أو في بدايات الاستيطان البارثي للمنطقة ويدل حجم العمارة التي اكتشفت في مساحة محددة من التل على بناء متماثل رسمي وهام يضم عدة أجنحة فيها ساحة وقاعات وغرف متتالية بينما كانت واجهة المبنى الغربية محصنة بسلسلة من الدعائم والتجاويف المتناوبة.
المعابد الأربعة
تم اكتشاف قطع أثرية بالغة الأهمية في موقع التل منذ بداية التنقيب فيه وتتضمن أربعة معابد : يعتبر المعبد A من أكبر المعابد فهو يقع بجانب القصر ويحتوي على دور، ويلاحظ أن واجهات المعابد B-C-D مزخرفة بكوات تؤكد على قدسية هذه الأبنية وهي تعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد يتألف كل معبد من مجموعة غرف وساحات مرصوفة باللبن المشوي وقنوات لتصريف المياه عبر نظام صرف صحي متطور نادر الوجود في المواقع الأثرية الأخرى من نفس الفترة ,إضافة إلى وجود عدد من الزخارف الدينية والممرات والأروقة المرصوفة بالقرميد المشوي.
- كما أن الموقع شمل بيت الرقم وحي البيت الخاص الذي يتألف من غرف بأحجام متنوعة تتمركز على جانبي شارع مرصوف بالحجارة البازلتية ويتوسط الشارع قناة لتصريف المياه ويوجد عدد من المنازل على جانبي الشارع وكشفت التنقيبات الأثرية حوالي 141 رقيما مسماريا تحت أرضيات ثلاث غرف وتم التوصل إلى اكتشاف حوالي 230 وثيقة مكتوبة ومؤرخة إلى حدود سنة 2400 قبل الميلاد, وتم العثور على معظم هذه الرقم المسمارية في بيوت خاصة ووجد بعضها في قصر المدينة العلوي وفي أبنية خاصة بالنشاطات الإدارية وكانت هذه الرقم تستخدم لكتابة الإغراض الإدارية وصناعة كرات طينية تجارية عليها طبعات أختام ووجد من هذا النوع ما يقارب 30 قطعة منتشرة في المدينة وتشهد على استعمال الكتابة في أعمال التصدير والاستيراد.
من آثار تل بيدر
بوابة الأكروبول في الشارع الرئيسي وتعتبر من أكثر الأبنية أهمية ,وتأتي أهميتها الوظيفية من كون الأبواب مفتوحة بشكل متتال وموجودة في أعلى الدرج المصنوع من بلاطات بازلتية ,وتقع البوابة الرئيسة في بداية الشارع الرئيسي للقصر والساحة الأمامية الجنوبية وتعتبر المدخل الرسمي لنابادا حيث ترتبط بالشارع الرئيسي وبمدخل القصر في المدينة العليا أما الشارع الرئيسي فهو يسير بخط مستقيم تتخلله أربع مصاطب مختلفة المساحات ويستمر بالامتداد حتى مدخل القصر وتخترق الشارع الرئيسي في قسمه الأعلى قناة حجرية مرتبطة بشبكة رئيسة للصرف الصحي تغطي المدينة بالكامل إذ تبدأ من ساحة الاستقبال في القصر وتنتهي عند الساحة الأمامية.
أقدم الوثائق
قدم موقع تل بيدر الأثري في عام 1993 أقدم الوثائق المكتوبة المكتشفة حتى الآن حول تاريخ سورية عامة والجزيرة السورية خاصة، حيث يعود تاريخها إلى حوالي 2425 ق.م،و تتضمن هذه الوثائق الكتابية أكثر من مائتي لوح مسماري، بالإضافة إلى مجموعة أختام منقوشة ووثائق أخرى.
كما تم العثور على الكثير من اللقى الأثرية ( الأواني الفخارية , دمى , أدوات حجرية وصوانيه ,أدوات معدنية,وطبعات أختام اسطوانية ,حلي ).
الكتابة المكتشفة
حسب ما تحدث به المختصون أن الكتابات التي وجدت في نابادا غير عادية ، فالخط سومري في حين أن اللغة سامية، ويفترض علماء اللغات القديمة أن الساميين هاجروا إلى بلاد الرافدين نحو نهاية الألف الرابع ق.م، مختلطين بالسومريين، حيث هيمنوا في النهاية عل حضارة هذه البلاد، وقد اعتمدوا الكتابة السومرية، وهي الوحيدة التي كانت موجودة للتعبير بها عن لغتهم الخاصة بهم.
تمثل رُقم نابادا أكبر مجموعة من النصوص السامية القديمة التي عثر عليها في منطقة الخابور، وقد حقق المنقّبون اكتشافاً مدهشاً فقد وجدوا مجموعة من الألواح الفخارية تحتوي على سجلات بالغة الدقة للحسابات اليومية للقصر، وقد كانت معظم الرّقم جزءاً من أرضية المبنى، مما يدل على أنها كانت قد طرحت ثم أعيد استعمالها كمادة للبناء، ويعود تاريخ هذه الوثائق المخطوطة إلى 2350 ق.م.
مكتشفات أخرى
اكتشفت البعثة الأثرية السورية الأوروبية بقايا جدران لبعض الغرف التي تعود للفترة الهيلنستية خلال عملها في الموقع وجداراً بطول 38 متراً وعرض مترين لمبنى كبير وهام يرجح أنه تم إنشاؤه في الفترة الأكادية وأربع غرف وزخارف مرتبطة بواجهة قاعة أحد المعابد وصل ارتفاع جدرانها إلى 4,65 أمتار، أرضياتها مبلطة بالجص وبعضها باللبن.
وأنّ البعثة قد اكتشفت في الجهة الجنوبية من المعبد، الواقع في الجهة الجنوبية الشرقية من المدينة القديمة نابادا، باحة تبلغ أبعادها 15 إلى 19 متراً. لها أرضية من القرميد، تتوسطها فتحة لتصريف المياه، وتحيط بالباحة غرف تقع في الطرف الشرقي والجنوبي. وتوضع على ضلعها الشرقي قاعة احتوت على مقعد ومصطبة، والجزء الأسفل من الجدران مطلية بطبقة من الجص الأبيض. كما عثر في الضلع الشمالي على مدخل وفي الجهة الشرقية من التل تم الكشف عن قصر يحتوي على باحة مرصوفة بالقرميد يحيط بها عدد من الغرف إضافة لقبر طفل يعود للفترة الأكادية.
تم التعرف على القصر الشرقي وأجزاء من معبد إضافة إلى الساحة المبلطة باللبن المشوي الواقعة عند المدخل الجنوبي والتي يحيط بها عدد من الغرف وقد عثر ضمن السوية العائدة إلى منتصف الألف الثالث قبل الميلاد على رقيم مسماري ومجموعة من طبعات الأختام .
المنشآت المعمارية المكتشفة في الموقع خلال مواسم التنقيب الأثري السابقة معظمها طينية ولذلك فهي عرضة للتأثر بالعوامل الجوية والطبيعية وقد جاء مشروع الترميم للحفاظ على المنشآت المعمارية واستثمارها سياحيا وثقافيا وتوفير الفرصة المناسبة لزوار هذا الموقع الأثري الهام ,و إن إعادة الكتل المعمارية المكتشفة إلى سابق عهدها يوفر للسائح أو الزائر إمكانية تصور طبيعة الحياة الاقتصادية والاجتماعية لشعوب الألف الثالث قبل الميلاد, وأن ترميم وإعادة تأهيل المعبدين الملكيين الأهم من بين المنشآت المعمارية في تل بيدر واللذين تم اكتشافهما في مواسم التنقيب القديمة.
ليست هناك تعليقات: